3
الحب إدمان


أحببتك..
رأيت في وجهك نور الشمس، وفي قلبك دفأها، وفي حبك كل إشراق للحياة، ولم أر قط أيَّ عتمة فيها؛ فلم أر الليل إلا يوم أن غربت شمس حبك.

ذلك أن حال المحب كحال المدمن، يبدأ أمره رويدًا رويدًا، بالإيعاز ثم تخدعه التجربة ثم تستهويه المغامرة، وهو في خداع أنه قادر على التوقف متى أراد التوقف، فإذا به يعتاد ذلك؛ فتصبح تلك السموم هي الماء والهواء لجسده الذي خارت قواه.

فحينها .. لا يسمع لأحد، ولا يرى إلا ذلكم السراب الذي يخدع حواسه أنه جالب لها سعادتها وانتعاشها، فلا يفكر إلا في كيفية الوصول إلى تلك السعادة الموهومة مهما كلفه ذلك من ثمن.. وما أغلاه !
ولا يفيقه من ذلك كله – إن كُتبت له عافية – إلا صدمات بحد الموت، في أعلاها خسارة الذات.

كذلك المحب .. يبدأ أمره من نظرة ساحرة، فابتسامة كاشفة عن ثغر فتان فتاك، فحديث عذب قد نُقشت حروف كلماته على جدران القلب قبل أن يتفوه بها الحبيب، كأنما هي تعاويذ ساحر قد تمكنت من قلب المحب وسيطرت على نبضاته.

وحينها يصبح كل ما يخص المحبوب أجمل من غيره، كابتسامته، وحديثه، ونظرته، ومشيته، وشارعه، والحي الذي يسكن فيه ... كل شيء منه لا يضاهيه مثله من غيره ولا يشبهه إلا في اسمه فقط.
فإن كان حبًا صادقًا بين طرفين، فلا حاجة له إلى دواء إلا من هنَّات كتلك التي يحتاج المزكوم فيها إلى دواء من حبة أو حبتين يقيمان جسدًا روحه في عافية.

فإن لم يكن المحبوب صادقًا في حبه ومشاعره، أو لم يرع زهرة الحب ونبتته، فلم يسقها حتى ذبلت وماتت كانت خسارة المحب خسارة تفوق المعايير والمكاييل.

إذ كيف يعيش والروح منزوعة !
كيف ! وأنفاسه مع الراحلين !
كيف يبصر والعين منفطرة وغشاوة الفراق تعلوها !
كيف يدرك أنه لا زال في حياة، وحياته ليست معه !
كيف ينسى أمسه، ويعيش يومه، ويؤمل غده ! وقد عاش أمسه لهم، وها هو يتجرع مرارة يومه لفراقهم، وغده كان مرسومًا بهم .. وأنى له محوهم !
بل كيف يؤمل في غد أن يأتي، وكيف يسعد إن جاء وهم ليسوا هنا !

لذا، فالتعافي ليس مضمونًا، إذ ربما يقدر المحب على النسيان وتجاوز محنته مع الوقت وربما لا يقدر، طال به الزمن على ذلك أو قصر.

ولا حيلة لنا، فإنها قلوبنا العجيبة، تتقلب في كل شيء إلا في الحب، خاصة إذا رحل وترك وراءه دليلا عليه.

3 التعليقات:

Unknown يقول...

بجد مبدع ومشاعر نبيلة وجميلة
ربنا يبارك لك فى أهلك

admin يقول...

تسلم لي ربنا يخليك، خالص تقديري :)

غير معرف يقول...

مقال مؤلم

إرسال تعليق

 
تعريب وتطوير مدونة الفوتوشوب للعرب
مدونة كمال اليماني © 2010 | عودة الى الاعلى
Designed by Chica Blogger